الحمد لله رب العالمين وأفضل والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا وحبيب قلوبنا ، وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
****************************
قال الله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ) . (1)
:: مدخل ::
من الأمور التي دارت حولها النقاشات والبحوث والدراسات عند مختلف المذاهب الإسلامية منذ زمن ، هو وفاة ورحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عن الدنيا .
حيث ما يزال يتردد السؤال :
كيف رحل رسول الله صلى الله عليه وآله عن هذه الدنيا ؟
هل مات محموماً (أي بالمرض) ؟
أم مات مسموماً (أي بأثر السم) ؟
[color:cea2="rgb(139, 0, 0)"]الجواب: أختلف العلماء والكتاب بإختلاف الأخبار والروايات المتعددة في شأن وفاة النبي (ص) إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن النبي (ص) مات بسبب المرض الإعتيادي .
كما نُقل عن صاحب كتاب التتمة في تواريخ الأئمة عليهم السلام . (2)
وقد ضعف جملة من العلماء هذا القول ، سيما بعد الإشارة في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) . (3)
إلى أن إشارة القتل كما في الآية واضحة ، وإن كانت الآية لم تحدد طريقة القتل .
القول الثاني: إنه مات بسبب السم الذي دسته إليه إمرأة يهودية .
حيث ذكرت بعض المصادر السنية والشيعية هذه الحادثة ، وأن أسم المرأة زينب بنت الحارث اليهودية ، والرواية من طريق أبي هريرة ، فقد (روي عن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر ، أهديت له (صلى الله عليه وآله) شاة فيها سم ، فقال (صلى الله عليه وآله): إجمعوا من كان ههنا من اليهود ، فجمعوا ، فقال لهم: إني سائلكم عن شيء .. إلى أن قال: أجعلتم في هذه الشاة سماً ؟
قالوا: نعم .
قال: فما حملكم على ذلك ؟!..
قالوا: أردنا إن كنت كاذباً أن نستريح منك ، وإن كنت نبياً لم يضرك) . (4)
ولكن وجدت من علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، من يضعف هذه الرواية ويردها ، بسبب أن الذراع المسموم من الشاة قد تكلمت مع الرسول (ص) وأخبرته إني مسمومة .
كما يؤخذ على هذه الرواية أن الرسول (ص) ، بقي ما يقارب من الثلاث سنوات على قيد الحياة ، على القول بأنه أكل من الشاة ومن ثم تكلمت وأخبرته سلام الله عليه بالسم . (5)
القول الثالث: إنه (صلى الله عليه وآله) قد استشهد بالسم على يد بعض زوجاته .
ويستند برجحان هذا القول إلى أمرين:
الأمر الأول: من المروي عنهم عليهم السلام : (ما منا إلا مسموم أو مقتول) . (6)
إلا أن يُرد على هذا القول ، بأن الثابت في الروايات أن الموت بالسم لم يشمل جميع الأئمة عليهم السلام ، سوى البعض منهم ، كالإمام السجاد والإمام الحسن والإمام الرضا وقيل أيضاً الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليهم أجمعين ، نعم إذا قلنا أن جميع الأئمة (ع) كانوا على قائمة الإستهداف بالقتل ، وأن القتل بالسم أحدى الوسائل لدى أعداءهم .
ولكن هناك من يذهب إلى أن الأئمة الأطهار (ع) ماتوا جميعهم بالسم ، كما سيأتي عن كتاب ما منا إلا مقتول أو مسموم .
الأمر الثاني: لصدور الروايات عن الأئمة عليهم السلام ، بأن النبي عليه الصلاة والسلام مات مسموماً .
والروايات الواردة في هذا الشأن جاءت بإتجاهين:
الأول: غير صريحة ، بل بالإشارة ، وفُهم منها أن سبب الوفاة وقعت بالسم .
كالمروي: عن الإمام الصادق عليه السلام: أن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام ، قال لأهل بيته: إني أموت بالسم ، كما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) .. ثم ذكر لهم: أن زوجته هي التي تسممه.. (7)
الثاني: روايات صريحة تؤكد أن سبب موته عليه أفضل الصلاة والسلام كان بأثر السم .
كالمروي: عن الإمام الصادق عليه السلام ، في تفسير قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، حيث قال عليه السلام: أتدرون ، مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو قتل؟! إنهما سقتاه قبل الموت . (8 ـ 9)
والمروي: عن الإمام الصادق عليه السلام: في حديث الحسين بن علوان الديلمي ، أنه حينما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) إحدى نسائه ، لمن يكون الأمر من بعده ، أفشت ذلك إلى صاحبتها ، فأفشت تلك ذلك إلى أبيها ، فاجتمعوا على أن يسقياه سماً ، فأخبره الله بفعلهما . فهمَّ (صلى الله عليه وآله) بقتلهما ، فحلفا له: أنهما لم يفعلا ، فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) . (10ـ 11)
[color:cea2="rgb(139, 0, 0)"]:: العلماء القائلون بأنه (ص) مات مسموماً ::
مع ملاحظة أن هذه الأراء ، كما فهمت من كتبهم ، تذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وآله ، مات بفعل سم الشاة من اليهودية كما ذكرنا فتأمل .
[color:cea2="rgb(139, 0, 0)"]:: من علماء الشيعة ::
ـ الشيخ الصدوق في كتاب الإعتقادات ، وقيل أنه يذهب للرأي الأخر .
ـ الشيخ المفيد في كتاب المقنعة .
ـ الشيخ الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام .
ـ العلامة الحلي كما عن كتاب التحرير .
[color:cea2="rgb(139, 0, 0)"]:: من علماء السنة ::
ـ ابن سعد في كتاب طبقات بن سعد .
ـ الشبلنجي الشافعي في كتاب نور الأبصار . (12)
ـ ونُقل عن الذهبي ، لكني لم أعثر على المصدر .
[color:cea2="rgb(139, 0, 0)"]:: الخلاصة ::
وكيف كان وبعد هذا الإستعراض للأقوال والروايات التي قد صرحت أن النبي قد مات مسموماً ، نجد أيضاً أن الأحداث في حياة الرسول الأعظم (ص) ، تؤكد أنه صلوات الله عليه ، قد تعرض للإغتيال أكثر من مرة ، وجاءت من ثلاث فئات وهي:
الفئة الأولى: من المشركين .
الفئة الثانية: من اليهود .
الفئة الثالثة: من المتظاهرين بالإسلام .
السلام عليك يا رسول الله
وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين
المصادر
-------
(1) سورة آل عمران ـ آية 144 .
(2) جواهر الكلام ج20 ـ حسين النجفي .
(3) سورة آل عمران ـ آية 144 .
(4) البداية والنهاية ج3 .
(5) الصحيح من سيرة الرسول ـ السيد جعفر مرتض العاملي .
(6) كفاية الأثر ـ الخزاز القمي .
(7) مناقب آل أبي طالب ج3 .
(8) سورة آل عمران ـ آية 144 .
(9) تفسير العياش ج1 .
(10) موسوعة البحار ج22 ـ المجلسي ـ نقلاً عن الصراط المستقيم .
(11) سورة التحريم ـ آية 7 .
(12) ما منا إلا مقتول أو مسموم ـ جعفر البياتي .